الوطني للثروات تشارك في حلقة نقاشية ضمن فعاليات مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار
الحمد: التأثير الاجتماعي يجب أن يشكل ركيزة أساسية في ثقافة عملية اتخاذ القرار
- الوطني لديه التزام قوي بالاستثمار المؤثر اجتماعياً من خلال اتباعه لنهج يوازن بين المجتمع وتعظيم الأرباح
- اتخذنا خطوات استباقية للنظر في الآثار البيئية والاجتماعية لأنشطة الإقراض بالانضمام إلى مبادرة "PCAF"
- نستهدف الوصول بمحفظة الأصول المستدامة إلى 10 مليارات دولار بحلول 2030
استعرضت شركة الوطني للثروات ريادتها الفكرية وخبراتها الواسعة في القطاع المالي من خلال مشاركتها المتميزة في احدى الحلقات النقاشية المؤثرة ضمن فعاليات مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذي عقد في الرياض. وقد شكلت هذه المنصة فرصة فريدة للوطني للثروات للتواصل مع قادة القطاع وأصحاب المصالح، والتطرق إلى قضايا رئيسية تؤثر على المشهد المصرفي والنمو الاقتصادي.
وطرح الرئيس التنفيذي للوطني للثروات، السيد/فيصل الحمد، رؤيته حول عدد من المواضيع الاستراتيجية حول رؤية وخطوات الشركة تجاه دمج المسؤولية الاجتماعية ضمن عملياتها الأساسية، انسجاماً مع التزام مجموعة بنك الكويت الوطني الراسخ بالتنمية المستدامة.
وضمت الجلسة نخبة من الخبراء البارزين، من بينهم أندرو بيستر، عضو مجلس الإدارة ورئيس الخدمات المصرفية للشركات في مجموعة ING، ود. سيدي ولد التاه مدير عام المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا. وقد شارك هؤلاء القادة بخبرات واسعة ورؤى متنوعة، مما أسهم في إثراء الحوار حول الدور الحيوي الذي تضطلع به البنوك في تعزيز التأثير الاجتماعي وتحقيق التنمية المستدامة.
التركيز على تعزيز تأثير اجتماعي إيجابي
وتناولت المناقشة إمكانية على إعطاء البنوك الأولوية للتأثير الاجتماعي في ظل الضغوط الاقتصادية المستمرة وتقلبات السوق.
وأكد الحمد على أن التأثير الاجتماعي يجب أن يكون جزءًا لا يتجزأ من العمليات اليومية للبنك، وأن يشكل الركيزة الأساسية لثقافته وعمليات اتخاذ القرار. وشدد على أهمية تحديد الأثر الاجتماعي بناءً على المناطق الجغرافية المحددة والاحتياجات المحلية، وهو الأمر الذي يعد ضرورياً لتحقيق التغيير المستدام وتمكين المجتمعات. وقد دعم هذا التوجه كل من أندرو بيستر ود. سيدي ولد التاه، اللذان اتفقا على أنه يجب على البنوك الاعتراف بأدوارها المجتمعية وتوسيع نطاق تركيزها ليشمل الأثر الاجتماعي بجانب تحقيق الربح.
وتناولت المناقشات التزام قطاع التمويل بالمسؤولية الاجتماعية والاستدامة، مما أثار تساؤلات حول إمكانية تحقيق تغيير دائم مقابل العودة إلى النماذج التقليدية التي تركز على الربح، وتم استعراض مجموعة من الأسئلة الملحة والتطرق بتعمق لمسؤوليات البنوك في المشهد المالي الحالي.
كما تطرق المشاركون للفرص التي يقدمها نموذج الاقتصاد الدائري، الذي يعتبر سوقاً ضخماً يصل إلى 4.5 تريليون دولار، خاصة بالنسبة للبنوك التي تسعى نحو اقتناص فرص استثمارية مؤثرة. وناقشوا كيفية التواصل بفعالية مع المستثمرين، مؤكدين أن الاستثمار المسؤول اجتماعياً يمكن أن يحقق عوائد مالية إيجابية، لا سيما في مجالات مثل الطاقة المتجددة وإدارة النفايات والزراعة المستدامة. وأشار الحمد إلى أن مثل هذه الاستثمارات لا يقتصر دورها على تعزيز النمو على المدى الطويل فحسب، بل يساهم ايضاً في تحسين أوضاع السكان، مما يعزز بدوره الطلب على الخدمات المصرفية.
نهج الوطني ثلاثي الأبعاد
وأشار الحمد إلى أن بنك الكويت الوطني يقود هذه الحركة، مما يجسد التزامه القوي بالاستثمار المؤثر اجتماعياً من خلال اتباعه لنهج ثلاثي، الذي يوازن بين الناس والكوكب والأرباح. وفي عام 2023، أطلق بنك الكويت الوطني استراتيجيته الأولى للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية التي تمتد لثلاثة أعوام، وتضمنت العديد من الأهداف الطموحة، بما في ذلك الوصول بمحفظة الأصول المستدامة إلى 10 مليارات دولار أمريكي بحلول عام 2030 لتسهيل التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون.
كما تناول المشاركون الدعوة التي وجهتها مبادرة تمويل البيئة التابعة للأمم المتحدة، المعروفة باسم UNEP-FI، إلى البنوك لتضمين نموذج الاقتصاد الدائري ضمن استراتيجياتها. واتفق المتحدثون على أن التغيير التحويلي يتطلب من البنوك التركيز على النمو طويل الأجل من خلال دمج مبادئ الاقتصاد الدائري، والتي يمكن أن ينتج عنها فوائد اقتصادية هائلة، بما في ذلك خفض تكاليف المواد الخام والطاقة.
وأشار الحمد إلى أن بنك الكويت الوطني قد عالج بشكل استباقي توقعات البنوك للنظر في الآثار البيئية والاجتماعية لأنشطة الإقراض. حيث انضم البنك في أبريل 2024 إلى مبادرة الشراكة من أجل المحاسبة المالية للكربون "PCAF" لتحديد كمية الانبعاثات الممولة والإفصاح عنها، وتعزيز فهمه للآثار البيئية وطرح مبادرات أكثر تأثيراً.
الاستفادة من التكنولوجيا لترك بصمة إيجابية
كما أبرزت المناقشات أهمية التكنولوجيا في تقليص فجوة المعلومات التي غالباً ما تعيق مبادرات التأثير الاجتماعي. وأكد الحمد قائلاً: "إن الاستفادة من التكنولوجيا أمر ضروري لتعزيز فهمنا للآثار الاجتماعية، ولتمكين أصحاب المصالح من اتخاذ قرارات مستنيرة". ومع تزايد رغبة المستثمرين في الحصول على رؤى قائمة على البيانات، يتعين على البنوك استغلال التكنولوجيا لتسهيل الوصول إلى المعلومات الحيوية.
وسلط المتحدثون الضوء على دور مجلس معايير الاستدامة الدولية (ISSB) في تعزيز عمليات الإفصاح عن التأثيرات الاجتماعية، وتوقع التطور التكنولوجي الذي من شأنه أن يجعل الإفصاحات المتعلقة بالآثار الاجتماعية والبيئية أكثر تواتراً وآلية. حيث يمكن ان ينتج عن تحسين تتبع مثل هذه المبادرات عبر سلاسل التوريد عن تحسين الشفافية، بينما يمكن تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي من تعزيز التقارير والمساءلة.
الابتكار في ظل بيئة تنافسية
وتناولت الجلسة الحاجة الملحة للبنوك للابتكار في ظل المشهد التنافسي الحالي، وخاصة في ظل الاستجابة لمرونة شركات التكنولوجيا المالية وتركيزها على العملاء. وأكد الحمد أنه لتحقيق تأثير مجتمعي هادف، يجب على البنوك تبني الابتكار، في هذا السياق، تستثمر البنوك التقليدية بشكل متزايد في التكنولوجيا والمبادرات الرقمية، حيث تستفيد من تحليلات البيانات المتقدمة للحصول على رؤى دقيقة حول تفضيلات العملاء وتخصيص عروضها بشكل أفضل.
وأشار الحمد إلى التزام بنك الكويت الوطني بتعزيز المعرفة والتطوير المستمر، مع مواصلة رفع قدرات فرق العمل لتمكينهم من تبني ممارسات مبتكرة. وألقى الضوء على إطلاق بنك "وياي" في عام 2021، الذي يعد أول بنك رقمي بالكامل في الكويت، حيث يركز على تعزيز الثقافة المالية ويستهدف تلبية احتياجات الشباب غير المستفيدين بالخدمات المصرفية.
المبادرات الحكومية والتمويل المستدام
كما بحثت الجلسة أيضاً دور المبادرات الحكومية في تعزيز التمويل المستدام وتأثيرها على ديناميكيات السوق. وفي الوقت الذي تهدف فيه هذه المبادرات إلى تشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المستدامة، فإنه من الضروري ألا تقتصر هذه الجهود على إعادة توجيه رأس المال لتلبية المعايير التنظيمية فحسب، بل يجب أن تسعى لتحقيق تغييرات حقيقية وملموسة.
وأقر الحمد بأن التوافق مع المتطلبات التنظيمية الدولية أصبح أمراً حيوياً لتحويل نماذج الأعمال. وأشار إلى أن اللوائح الأكثر صرامة تدفع البنوك لتبني استراتيجيات طموحة للحد من الآثار البيئية والاجتماعية. وقد بلغت قيمة محفظة القروض المستدامة لبنك الكويت الوطني بالفعل ما يقرب من 3.65 مليار دولار أمريكي، مستهدفاً الوصول إلى 10 مليارات دولار أمريكي بحلول عام 2030.
تعزيز النزاهة واستراتيجيات فعالة لمواجهة الغسل الأخضر
سلطت الحلقة النقاشية الضوء على الحاجة إلى تعزيز النزاهة الحقيقية في مبادرات التأثير الاجتماعي، ومعالجة انتشار "الغسل الأخضر". ودعا الفريق إلى وضع معايير واضحة وقابلة للقياس لمطالبات الاستدامة والتدقيق المستقل لتعزيز المصداقية. حيث يمكن لعمليات التدقيق المنتظمة ووصول الجمهور إلى تقارير الاستدامة أن تعزز المساءلة بشكل كبير، في حين يجب أن تتمتع الهيئات الرقابية بسلطة فرض عقوبات على الادعاءات المضللة.
وأكد الحمد التزام بنك الكويت الوطني بضمان نزاهة مبادراته للاستدامة، مؤكداً أن استراتيجيته للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية تدمج كركائز أساسية ضمن عمليات البنك وتخضع لإشراف مجلس الإدارة. وفي عام 2024، أصبح بنك الكويت الوطني أول بنك في الكويت يصدر سندات خضراء بقيمة 500 مليون دولار أمريكي، مما يؤكد التزامه بتحقيق نتائج مستدامة حقيقية.
إعادة تصور الخدمات المصرفية من أجل مستقبل أكثر اشراقاً
في ختام المناقشة، أكد المتحدثون على أهمية إعادة تحديد الهدف الرئيسي للبنوك ليعكس التزامها بإحداث تأثيرات إيجابية على المجتمع. وأشاروا إلى ضرورة أن تتولى البنوك مسؤولية الاشراف على الموارد، مع التركيز على الاستثمارات التي تحقق نتائج اجتماعية إيجابية وتعزز الثقافة المالية بين عملائها.
وأكد المشاركون في الجلسة على المسؤولية الجماعية للقطاع المصرفي في تجاوز الدوافع التقليدية للربح، وتوجهوا بدعوة واضحة لقادة القطاع المالي والتي تمثلت في إعادة تصور الهدف الرئيسي لبنوكهم واغتنام الفرصة ليصبحوا قوة فعالة لتحقيق التغيير الإيجابي.
وانطلاقاً من مركزه الريادي، أكد بنك الكويت الوطني مواصلة التزامه بمبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، ودعم عملياته بروح مصرفية مسؤولة. ومن خلال ما يطلقه البنك من المبادرات الاستراتيجية والتركيز على الممارسات المستدامة، لا تقتصر جهوده على الالتزام بأعلى المعايير العالمية فحسب، بل تمتد أيضاً لتساهم بشكل فعال في رفاهية المجتمعات التي يخدمها. ومكن هذا الالتزام البنك من تعزيز مكانته الرائدة في المشهد المالي، حيث يقود التغيير الإيجابي ويعتبر مثالاً يحتذى به في القطاع.